موقع راديو و تلفزيون لوبه نت
اضف اهداء

مواقف مختلفة من السعر العادل للنفط

مواقف مختلفة من السعر العادل للنفط | موقع سوا
2015-09-19 19:11:18
+ -

يتفاوت تعريف السعر العادل للنفط استناداً إلى العديد من الدراسات والتحليلات الصادرة عن جهات مالية ونفطية متخصصة، علماً بأن العديد من وزراء النفط الخليجيين أكدوا في أكثر من مناسبة وفي أوقات مختلفة ان السعر المتداول للنفط هو سعر مقبول ولم يشيروا إلى عدالة السعر، في ظل تأكيد الدول المنتجة ان ليس من مصلحتها وجود فجوة كبيرة بين السعر العادل والسعر الجاري للنفط حتى لا يساهم ارتفاع الأسعار في التأثير سلباً في معدلات التنمية الاقتصادية للدول المستهلكة، بما ينعكس سلباً وفي شكل غير مباشر على الدول المنتجة.

وثمة عوامل كثيرة تساهم في إيجاد التفاوت بين السعر العادل وسعر السوق، منها عوامل العرض والطلب ومعدلات النمو الاقتصادي العالمي والنمو في الدول ذات الوزن الاقتصادي الكبير ومنها الولايات المتحدة والصين وأوروبا، إذ يساهم النمو الاقتصادي في هذه الدول في زيادة حجم الطلب على النفط، بينما يساهم الركود أو التباطؤ الاقتصادي في تراجع الطلب وبالتالي تراجع الأسعار.

ولوحظت تأثيرات سلبية عميقة لتراجع النمو الاقتصادي في الصين خلال هذا العام في حجم الطلب على النفط ما تسبب بتراجع الأسعار، فيما انتعش سعر النفط بين 2003 و2007 نتيجة النمو القوي للإقتصاد العالمي، وانهارت الأسعار عندما تعرض الاقتصاد العالمي إلى ركود.

ويتأثر سعر النفط بالأزمات السياسية والعسكرية والحظر الاقتصادي كما حدث مع العراق وإيران، ويتأثر بالمضاربات بعدما تطورت الأدوات المالية النفطية في الأسواق العالمية ما أدى إلى تحول النفط ليس فقط إلى سلعة تجارية فقط بل كذلك إلى أداة استثمار تحمل أخطاراً. ويُلاحَظ تراجع اهتمام المضاربين والمستثمرين بالعقود النفطية والخروج منها إذ تؤدي التوقعات بانخفاض الأسعار لفترة طويلة إلى تجنب المستثمرين أسواق السلع المتراجعة.

وتؤدي تكاليف الإنتاج دوراً مهماً في تقديرات السعر العادل فهي تتفاوت من منطقة إلى أخرى في العالم وتختلف باختلاف موقع حقول النفط والعمر الإنتاجي لهذه الحقول ومعدل سريان النفط فيها، مع الأخذ في الاعتبار ان النفط مصدر للطاقة غير قابل للتجدد وفي طريقه إلى النضوب، وبالتالي ينطبق قانون الندرة على تسعيره بما يحقق الهدف من إيجاد توازن بين مصالح الجيل الحالي الذي ينعم بهذه الثروة ونصيب الأجيال المقبلة من هذه الثروة الناضبة.

ويصعب الوصول إلى السعر العادل من خلال اتفاقات بين الدول المنتجة والمستهلكة نتيجة سعي الطرفين إلى تحقيق مكاسب حتى لو كانت على حساب الطرف الآخر، فعندما كان النفط يباع بأسعار منخفضة جداً، لم تطالب أي دولة مستهلكه برفع سعره إلى قيمته العادلة حتى لا يؤدي ذلك إلى إلغاء العديد من المشاريع النفطية، ناهيك عما يحمله الأمر من آثار سلبية على حجم العرض.

ومعلوم ان السعر العادل للنفط يساهم في تشجيع الاستثمارات في البنية التحتية للصناعة النفطية لضمان إمداد الأسواق بحاجتها من النفط. وتقدر وكالة الطاقة الدولية تكلفة هذه الاستثمارات السنوية بنحو 350 بليون دولار سنوياً بعد زوال الإنتاج السهل بالتقنيات البسيطة في ظل الحاجة إلى تقنيات متطورة ومكلفة للحفاظ على مستويات الإنتاج ورفعها لمواكبة الزيادة المتوقعة في الطلب العالمي على النفط.

والتذبذب في السعر سمة مميزة لهذه السلعة كغيرها من السلع الأساسية التي تمر بدورات هبوط وصعود وبهوامش مختلفة ولفترات زمنية متفاوتة، كما تنعكس المخاوف والتوقعات المستقبلية عادة على حجم الطلب والعرض، علماً بأن التذبذبات القوية في سعر النفط ليست من مصلحة المنتجين أو المستهلكين باعتبارها تربك عملية التنمية الاقتصادية للدول المنتجة إذ تشكل إيرادات النفط النسبة المهمة من إجمالي إيراداتها المختلفة. وهذا مما شجع هذه الدول على تبني استراتيجيات تنويع قاعدتها الاقتصادية لئلا يشكل قطاع النفط أكثر من نسبة محددة من الناتج المحلي الإجمالي.

ولسعر صرف الدولار دور مهم في حركة سعر النفط، فارتفاع مؤشر سعر صرفه أمام العملات الرئيسة الأخرى، وفي مقدمها الين الياباني واليورو واليوان الصيني، يساهم في ارتفاع تكلفة النفط وبالتالي انخفاض الطلب عليه. وثمة علاقة عكسية بين سعر النفط وسعر الدولار، فصعود الدولار يجعل السلع الأولية المقومة بالدولار أغلى ثمناً للمستهلكين أو المستثمرين من حائزي العملات الأخرى. وليس من مصلحة الولايات المتحدة مواصلة الدولار ارتفاعه لأنه سيؤدي إلى انخفاض صادراتها وزيادة وارادتها، وبالتالي ارتفاع عجز ميزانها التجاري. لذلك يُتوقَّع ان تلجأ الولايات المتحدة إلى الحد من ارتفاع الدولار.

وتراجع الاستهلاك العالمي نتيجة البيانات الاقتصادية السيئة لأوروبا واليابان والأوضاع الجيوسياسية في الشرق الأوسط وأوروبا وتراجع النمو في الصين والضبابية التي تغطي الصورة المستقبلية للاقتصاد العالمي. وخفضت منظمات ووكالات دولية، مثل «أوبك» ووكالة الطاقة الدولية وإدارة معلومات الطاقة الأميركية، توقعاتها السابقة بخصوص نمو الطلب العالمي على النفط خلال العامين المقبلين. والبيانات الاقتصادية لكبار المستهلكين مثل الصين واليابان والولايات المتحدة تؤكد استمرارية التباطؤ الاقتصادي أطول من المتوقع. ولهذه المعلومات والحقائق تأثير مهم في حركة أسعار النفط خلال الأعوام المقبلة.

ان الانخفاض الكبير في سعر النفط سيؤدي إلى حالات عجز متفاوتة في الموازنات والموازين التجارية للدول الخليجية. وفي الختام نستــطيع ان نؤكد ان اصطلاح السعر العادل للنفط ليس له ترجمة على أرض الواقع ولا يمكن تحديد مستوى ثابت له.