موقع راديو و تلفزيون لوبه نت
اضف اهداء

حالة فريدة من بين 40 في العالم ووحيدة في لبنان

حالة فريدة من بين 40 في العالم ووحيدة في لبنان | موقع سوا
2015-08-26 19:02:50
+ -

سوا فلسطين-وكالات-زيارة خاصة جداً: أن نعود صغاراً، أمنية يتمناها الكثيرون، كي تبقى ملامح الطفولة ترافقنا أينما حللنا، ولكن ذلك ليس حال عبد الرحمن··· 

الذي سيبقى يحمل ملامح البراءة في جسده رغماً عنه، فيما الشيخوخة المبكرة قد تحرمه سنين عمره··

52 سنتمتراً هي كل ما يستطيع الوصول إليه، أو ربما يتجاوزها بسنتمرات معدودات، فيما لا يتعدى وزنه الثلاثة كلغ، حيث ينمو العقل ومعه الهرم، كونه يعد واحداً من 40 حالة فريدة في العالم، والوحيدة في لبنان، من مرضى الشيخوخة المبكرة <البروجيريا> التي أكتشفت على يد الدكتور هاستنغ غلفيرد عام 1904 في انكلترا، كحالة من بين 8 ملايين ولادة طبيعية··

هذا المرض يحرم صاحبه النمو الجسدي الخارجي، فيما يشتعل الشيب في الأعضاء التي تتسارع في كبرها، ليتساقط الشعر باكراً مع الأسنان وتلتهم التجاعيد براءة الطفولة··

<لـواء صيدا والجنوب> زار عبد الرحمن··· ليتعرف عليه عن كثب، ويستطلع طموحاته، فكانت هذه الإنطباعات··

يعود كل عام الى رياض الأطفال··· في صيدا، لأن عالم الكبار لم يتفهم مشكلته·· ويتفاجأ المارة به أينما حل، ومعهم يكبر السؤال: كيف لطفل صغير أن يتكلم بهذه الطلاقة ويسرع بالخطوات، وسرعان ما يستنتجون أن عمره أكبر مما يرسمه حدود جسده·· الذي بقي أسير الزمان، رغم النمو العقلي السليم، والصوت الحنون الذي يختزن ذكريات وذكريات·· ومعها تكبر مشاعر كل من يتعرف إليه فيسترسل معه في الكلام، فينسى صغر حجمه لأن محبته تكبر في آن·· محبة غرسها الباري في قلوب كل من يتعرف الى عبد الرحمن·· 

لأنه حكم عليه أن يكون كبيراً في عالم الصغار، يداعب شقيقته إبنة الـ 4 أشهر، ويتطلع لأن يشتري لها الثياب·· وفي قلبه حرقة، يتساءل بعقله المدرك قبل أوانه لماذا لا يكون له مثل جسدها، الذي ينمو أسرع منه، لكنه يتجاوز ذلك منطلقاً من حنان والديه اللذين لا يخجلان من حالته وفي قلبهما حرقة، ربما لن تدوم طويلاً، لأن سنوات العمر المتسارعة قد تُعجل في الفراق، لتشتعل معها حرقة أكبر وحزن على سنوات مضت وأخرى لن تأتِ، فيما آخرون أخفوها كي لا يراها المجتمع ورفضوا أن تصبح ماثلة للعيان··

عود على بدء

في الصباح الباكر، يخرج الى مدرسته الأولى، كما اعتاد في عامه الأول، رغم بلوغه العام السادس، لكنه يشتاق الى أقرانه الذين غادروا المكان قبله، فيما تأخره لأمر لا يستطيع أن يحرك معه ساكناً، ليبقى وحيداً يداعب الأحب على قلبه، ذلك الأرنب الصغير الذي ينتظره في كل عام··

ويتساءل ماذا سوف يتعلم في ذلك المكان، بعدما بات يعرف كل الكلمات والحروف والأشكال، وهل سيتعلم جديداً إن طالت به سنوات العمر··

ولكن ربما يكون مكانه هناك هو الحل الأفضل، لأن لا مدرسة أو مجتمع يتقبل المختلف عن الأسوياء، سوى إن كان يحمل إعاقة عقلية أو جسدية، لكن حالته لا تُقبل، لأنها تترنح بين العقل الذي أنعم الله عليه، وتوقف نموه الجسدي رغم اكتمال أعضائه··

قد لا يرحمه المجتمع، تلك العبارة الأقصى على قلبه، وهو يرى في نظرات الآخرين الإستغراب والنفور وربما الشفقة في كثير من الأحيان، وهو لا يريد تلك النظرات، لأن عقله يرفض أن يعامل كحالة خاصة، وإن كان كذلك، لكنه يتمنى أن يتخطى بعقله حواجز إجتماعية فرضت عليه، ويحتاج الى من يتفهم وضعه، وإن عجز الجسد عن تجاوز ذلك··

قيادة السيارة

ينظر الى السيارات الكبيرة بالنسبة له، والتي تبدو قيادتها أمراً بعيد المنال، لكنه يحاول خوض التجربة كلما سنحت له الفرصة ذلك، غير مبال بما يقال، ويتمنى أن يملك سيارة كبيرة يتولى هو قيادتها بنفسه··

ويبرز الإصرار جلياً في محاولته الوصول الى أغراض وضعت في أماكن بعيدة، مستعيناً فيها بالإرادة التي تحقق غايته، أما العقل فقد يكون له دور في تحقيق تطلعاته المستقبلية بأن يصبح طبيباً ليداوي آلام الناس، ولا ينسى قلبه المحب لممارسة هواية التصوير الفوتوغرافي، وبناء علاقات مع الناس، لأن دعم والديه سيحقق له ما يريد وصولاً لمتابعة دراساته الجامعية، إن شاء الله··

كله ثقة بذلك، لأن الكثيرين من أصحاب الإختلاف صنعوا المعجزات، كاسرين بإرادتهم كل طوق·· رغم ما عانوه من مشكلات بدت نفسية في كثير من الأحيان، ليبقى الإيمان بالله والثقة بالنفس، السبيل لصنع هذه المعجزات··

ولأن سنوات العمر تمضي متسارعة، قد يتحول الى ذكرى جميلة بيننا تحمل الحزن وذكريات طفولة غير مكتملة، لطفل دخل عالم الكبار باكراً، وبقي أسير الجسد الندي، لأنها الحياة·· عالم يعج بالمتناقضات··