موقع راديو و تلفزيون لوبه نت
اضف اهداء

الانفصال العاطفي.. من أقسى التجارب على الصحة النفسية

الانفصال العاطفي.. من أقسى التجارب على الصحة النفسية | موقع سوا
2018-06-24 15:19:28
+ -

«الانفصال العاطفي»، هو حال من الجفاف العاطفي والمعنوي والنفسي والجسدي، الذي يسيطر ويتلاعب في مشاعرهما من دون أن يدركا هذا العدو الصامت.

له علامات ودلالات عدة، لكن بحكم إيقاع الحياة السريع المليء بالعمل والعلاقات الاجتماعية والزيارات وغيرها من برامج الحياة، لا أحد ينتبه لدخوله إلا بعد فوات الأوان.

أول علامات الانفصال العاطفي عدم البوح بالمشاعر الداخلية بين الطرفين، بسبب عدم إدراك أهمية إفصاح المشاعر. إن كانت إيجابية زادت العلاقة الزوجية تماسكاً وارتباطاً، وإن كانت سلبية كان أثرها سيئاً.

عندما نغوص في أعماق المشكلات بين الزوجين ندرك أنه لم يكن هناك وضوح في إفصاح هذه المشاعر، لاسيما السلبية، التي تحوى العتب، أو اللوم، أو الغضب، حتى تجمعت وتراكمت في نفوسهم على مدى سنوات طويلة، خطورة ذلك عندما يتعرضون إلى خلافات بسيطة، أو مواقف حياتية عادية، يجدون أنفسهم يبالغون في ردود الفعل الغاضبة والمستعجلة، فتتحول الخلافات البسيطة إلى مشكلات حقيقية، مستمرة ومتراكمة، لتصبح سلسلة لا تنتهي.

الانفصال العاطفي يبدأ بعدم الاحترام للطرف الآخر وعدم تقديره، مما يجعله يفتقد لغة الحوار، وتحل محله لغة الصمت القصيرة، ثم تطول الفترة حتى تتحول إلى الابتعاد والهرب من الطرف الآخر، مما يزيد من حدة المشاعر السلبية، والنتيجة افتقاد الطرفين المحبة والمودة والانفصال النفسي والعاطفي.

إذا لم يعالج هذا الانفصال في بدايته سيتحول مع مرور الوقت إلى انفصال جسدي متدرج، حتى يصبح انفصالاً جسدياً كاملاً، وهذا يأتي بعد سنوات طويلة.

بعضنا يختار الاستمرار في العلاقة الزوجية، لأجل الأبناء، أو السمعة، أو المجتمع، أو لظروف اقتصادية لا يستطيع الابتعاد عن الطرف الآخر.

اعتبارات عدة، ولكن الحصيلة هي العيش من دون مشاعر ومن دون حب، أو تواصل واتصال، يدفع الطرفان كلاهما كلفته عالية وغالية من عمرهما، له آثاره النفسية والمعنوية، مهما بلغوا من نجاح في مجالات الحياة سيشعرون بعدم الاستقرار النفسي والمعنوي وعدم الشعور بالأمان.

هناك أفراد يدركون ذلك، فيحاولون إصلاح ما بينهم وينجحون، وهناك من لا يدرك خطورة هذا الجفاء، أو هذا الانفصال وتأثيره على المنظور البعيد، وهناك من يتسلح بالحيل الدفاعية، لتبرير أخطائه بشكل مغلوط وسيئ، وهناك من يتهرب من المشكلة من دون أن يواجهها أو يتعرف على أسبابها، وجميعهم يدفعون الفاتورة المعنوية باهظة الثمن.

لعدم الوقوع في فخ الانفصال العاطفي، يتطلب معرفة السبب الحقيقي لحدوث هذه المعضلة، ومن أين أتت؟ أهي بسبب قلة الوعي بمفهوم ومهارات الحياة الزوجية كالحوار والمناقشة والمشاركة؟ أم بسبب عوامل ذاتية كالاختلاف في المفاهيم والاعتقادات الحياتية؟ أم بسبب الاختلاف في تربية الأبناء والنزاع حولهم؟ أم بسبب تدخلات الأهل بخصوصية الزوجين؟

ولكي نتفادى ذلك، يجب أن نعترف أولاً بأهمية الحوار والبوح بالمشاعر والصراحة، ومواجهة الخلافات في بدايتها وعدم تركها لتتراكم مع مرور الوقت، واحترام الطرف الآخر وخصوصيته، والتعرف على مراحل الحياة الزوجية من ولادة الطفل الأول، وماذا يحدث فيها من تغيرات إلى مرحلة المراهقة، وما بعدها وتأثير ذلك على الزوجين، ومعرفة أن الحياة الزوجية لا تقوم على السلطة أو الملكية، بل تقوم على أسس متينة، من: محبة، واحترام، وحوار، وتضحية، وأهمها معرفة قيمة كل طرف، فليس هناك تابع أو متبوع. الحياة مشاركة وتفاعل وعطاء، نُلغي فيها الأنا، ونزرع فيها الإيثار والحب.